معامل الارتباط والانحدار الخطي البسيط
يعد الارتباط الخطي البسيط موضوعًا مهمًا في التحليل الإحصائي، حيث يستخدم لدراسة العلاقة بين متغيرين مستقلين، ويهدف المقال التالي إلى تقديم مفهوم الارتباط الخطي البسيط وأهميته في البحوث والتحليلات الإحصائية، وسوف يتناول توضيح الأساسيات المتعلقة بهذا الموضوع وكذلك كيفية تحليل الارتباطات الخطية البسيطة وتفسيرها.
تعريف تحليل الارتباط:
يوفر تحليل الارتباط وسيلة لاستدلال على قوة العاقة بين متغيرين أو اكثر، أي أن الارتباط هو مقياس للدرجة التي تتغير فيها قيم المتغير بأسلوب منتظم، وهو يعتبر مؤشر كمي لتحديد درجة الاعتماد على متغير أو اكثر في التنبؤ بقيم متغير آخر.
من المهم معرفة ما يمكن أن يوفره التحليل الارتباط وبنفس الأهمية يتوجب معرفة مالا يمكن أن يوفره هذا النوع من التحليل، فتحليل الارتباط لا يقدم أية معلومات للتنبؤ بقيم متغير ما، كما انه لا يوفر أي مؤشر فيما لو كانت العلاقة بين المتغيرات سببية، انما يستطيع التحليل تحديد فقط فيما لو كان درجة التباين المشترك ذات دلالة.
ولذا تعرف العلاقة بين الظاهرتين او متغيرين بالارتباط، وقد يكون الارتباط طرديا بمعنى ان تتغير الظاهرتين في نفس الاتجاه بحيث اذا زادت احدى الظاهرتين تميل الثانية الى الزيادة وبالعكس، وقد يكون الارتباط عكسيا بمعنى ان تتغير الظاهرتان في اتجاهين متضادين بحيث اذا زادت احدى الظاهرتين تميل الثانية الى النقصان وبالعكس.
يلاحظ أن قيمة معامل الارتباط هي قيمة عددية نسبية تنحصر بين +1 و -1 ولا تكون هذه القيمة +1 و -1 الا اذا كان الارتباط تاماً.
أنواع الارتباط:
ينقسم الارتباط الى عدة أنواع، وذلك بحسب نوع المتغير المراد قياسه، اذ هناك متغيرات كمية مقاسة، وهناك متغيرات أخرى نوعية،نن قياسها لا يعتمد على كميات عددية.
معامل الارتباط للظواهر للمتغيرات الكمية:
ويشمل دراسة العاقة فيما بين الظواهر المقاسة، وهي الظواهر القابلة للقياس الكمي او العددي، وهذا يشمل جميع الظواهر التي يمكن التعبير عنها بصورة رقمية كالطول والدخل وكمية الإنتاج وغير ذلك من الظواهر التي يمكن التعبير عنها رقميا، ويقسم الى عدة انواع:
1- معامل الارتباط البسيط (معامل بيرسون):
وهو معامل ارتباط يحدد مقدار او حجم العلاقة واتجاهها بين متغيرين اثنين، وذلك في الحالات او الظواهر التي تقتصر فيها الدراسة على متغيرين.
مثال: قد يكون من المطلوب التعرف على حجم العلاقة واتجاهها بين اطوال مجموعة من الأشخاص واوزانهم، أو قد يكون الهدف مثلاً التعرف على حجم واتجاه العلاقة بين مقدار الدخل الشهري وحجم الانفاق الشهري للأسر في مجتمع ما.
لارتباط عدة أنواع يمكن التعرف عليها من خال كل من مقدار معامل الارتباط ومن خال اتجاه العاقة بين المتغيرين بالاعتماد على لوحة انتشار البيانات.
2- معامل الارتباط المتعدد:
هو معامل ارتباط يوضح العلاقة بين متغير تابع واحد وعدد من المتغيرات المستقلة الأخرى. على سبيل المثال، يستخدم هذا المعامل للتعرف على نوع علاقة الارتباط بين حجم الإنتاج للدونم الواحد من القمح و كل من كمية الامطار، كمية السماد، درجة الحرارة، وفي هذه الحالة يقيس هذا المعامل الارتباط بين حجم الإنتاج كمتغير تابع ومنظومة من المتغيرات المستقلة الأخرى التي يتبع لها هذا المتغير.
3- معامل الارتباط الجزئي:
هو معامل ارتباط يقيس العلاقة بين متغيرين اثنين بافتراض ثبات تأثير المتغير الثالث على كل المتغيرين. فيستخدم مثلاً لإيجاد قوة او حجم العلاقة بين متغير ضغط الدم وقياس السكر في الدم، بافتراض مثلاً ثبات مستوى الكوليسترول على العلاقة.
4- معامل الارتباط للظواهر غير المقاسة (معامل سبيرمان للرتب)
هناك بعض الظواهر لا يمكن قياسها عدديا، وقد تكون على شكل صفات او على رتب ومن هذه الظواهر، الحالة الصحية للأفراد والتدخين فلا يوجد مقياس كمي لقياس الحالة الصحية او عادة التدخين وكل ما نستطيع ان تقوم به هو تصنيف الافراد من حيث الحالة الصحية الى أصناف متدرجة ابتداء من السيئة وانتهاء بالحالة الجيدة او الممتازة.
وهكذا ينطبق على بقية الظواهر المماثلة مثل الرتب أي تحويل القيم الرقمية الى رتب، ويقسم إلى عدة أنواع وأكثرها شيوعا هو معامل
ارتباط الرتب لسبيرمان.
تعريف تحليل الانحدار:
تحليل الانحدار (Regression Analysis) هو تحليل يمكننا من إيجاد معادلة رياضية تربط بين متغير تابع ومتغير أو متغيرات مستقلة.
فمثلاً يمكننا باستخدام تحليل الانحدار دراسة العوامل التي تؤثر في زيادة الطلب على المنتج وتحديد نموذجا (معادلة) رياضيا لهذه العلاقة، وهذا النموذج يجعلنا قادرين ليس فقط على فهم طبيعة العلاقة وتحديد العوامل المؤثرة فعلاً بل إنه يجعلنا قادرين على توقع تأثير تغير أي متغير من هذه المتغيرات المستقلة على المتغير التابع.
إن الحاجة لاستخدام هذا الانحدار كثيرة ومتنوعة، فالمهندس يحتاج لدراسة العوامل التي تؤثر في ارتفاع درجة حرارة الغازات المستخدمة في عملية ما وقد يكون لديه العديد من العوامل التي يريد أن يعرف تأثيرها الحقيقي.
باستخدام الانحدار فإن هذا المهندس يستطيع تحديد العوامل المؤثرة وإهمال تلك غير المؤثرة ويمكنه توقع التغير الذي يحدث في درجة حرارة الغازات نتيجة لتغير محدد في أي من تلك المتغيرات المؤثرة.
ومدير الموارد البشرية يريد تحديد العوامل التي تؤثر على أداء العاملين الجدد من بين عدة عوامل مثل السن وتقدير التخرج وجامعة الدراسة وغيرها، فيمكنه باستخدام تحليل الانحدار معرفة ما هي العوامل التي لا تؤثر ولا ترتبط بأداء العاملين الجدد وتلك المؤثرة ويمكنه الحصول على نموذجاً رياضياً يمكنه من توقع وفهم حجم تأثير تلك العوامل على الأداء.
كما ذكرنا سابقا ان معامل الارتباط هو قياس مدى العلاقة بين الظواهر، ولكن كثيراً ما نحتاج في دراسة هذه الظواهر التعرف على طبيعة العلاقة بينها، فقد تكون على صورة خط مستقيم او على صورة منحني، ويعرف خط الانحدار بأنه الخط الذي يمثل العلاقة بين متغيرين او هو طريقة بيانية تمثل العلاقة بين الظواهر ويستخدم الانحدار في تقدير قيمة أحد المتغيرين إذا عرف المتغير الاخر.
التمثيل البياني للمتغيرات:
أن الخطوة الأولى في دراسة العلاقة بين متغيرين هو أجراء تحليل بياني تصويري، حيث يساعد الفحص البصري للبيانات في توفير المعلومات التالية:
- التعرف على درجة التباين المشترك وهو مؤشر لدرجة الارتباط بين المتغيرين.
- التعرف على مدى وتوزيع نقاط عينة البيانات.
- التعرف فيما اذا كان هناك ظهور نقاط متطرفة.
- تعيين شكل العلاقة بين المتغيرين.
- تعيين نوع العلاقة.
يعتمد تحليل الانحدار على العلاقة بين متغيرين أو اكثر، والتحليل هنا يقوم على أساس وجود متغير تابع وآخر مستقل (متبوع)، فبمجرد تحديد العلاقة الرياضية بين المتغيرين يسهل تحديد المتغير التابع بمعرفة بيانات المتغير المستقل (المتبوع).
أنواع تحليل الانحدار:
هناك نوعان من تحليل الانحدار أولهما هو الانحدار الخطي وهو الأكثر انتشارا، فالانحدار الخطي يعني أننا ندرس العلاقة الخطية. أما النوع الثاني فهو الانحدار غير الخطي، والذي نحتاجه عند دراسة علاقات على شكل منحنى وليس خطا مستقيما.
الانحدار الخطي هو الأكثر شيوعا، فالانحدار الخطي له نوعان بسيط ومتعدد فالبسيط يحاول التنبؤ بالعلاقة بين متغير ما وعامل واحد يؤثر فيه والمتعدد يحاول التنبؤ بالعلاقة بين متغير ما وعدة عوامل تؤثر فيه، ونستعرض في هذا الدليل النوع الأول وهو الانحدار الخطي البسيط.
الانحدار الخطي البسيط:
إن الغرض من استخدام أسلوب تحليل الانحدار الخطي البسيط، هو دراسة وتحليل أثر متغير كمي على متغير كمي آخر، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:
- دراسة أثر كمية السماد على إنتاجية الدونم.
- دراسة أثر الكلفة على الانتاج.
- دراسة أثر كمية البروتين التي يتناولها الأبقار على الزيادة في الوزن.
- أثر الدخل على الإنفاق الاستهلاكي.
وهكذا هناك أمثلة في كثير من النواحي الاقتصادية، والزراعية، والتجارية، والعلوم السلوكية، وغيرها من المجالات الأخرى.
نموذج الانحدار الخطي:
في تحليل الانحدار البسيط، نجد أن الباحث يهتم بدراسة أثر أحد المتغيرين ويسمى بالمتغير المستقل أو المتنبئ منه، على المتغير الثاني ويسمى بالمتغير التابع أو المتنبئ به.