📁 المقالات الحديثة

ما هي المدرسة السلوكية؟ ومن هم أهم روادها؟

المدرسة السلوكية وأهم روادها

المدرسة السلوكية في علم النفس وأهم روداها

 المدرسة السلوكية في علم النفس هي واحدة من أهم التيارات الفكرية التي أثرت بشكل كبير على تطور علم النفس خلال القرن العشرين، إذ تأسست المدرسة السلوكية على يد جون واتسون في أوائل القرن العشرين، وهي تركز على دراسة السلوك الظاهري والقابل للملاحظة كوسيلة لفهم الإنسان، متجنبة أي تفسير يعتمد على العمليات العقلية الداخلية غير القابلة للملاحظة بشكل مباشر.
المدرسة السلوكية تعد من التيارات البارزة في علم النفس التي نشأت كرد فعل على المدرسة التحليلية والمدارس الأخرى التي ركزت على العمليات العقلية الداخلية والشعور واللاوعي، وكان جون بي واتسون (John B. Watson) من أبرز مؤسسي هذه المدرسة، حيث نشر مقالته الشهيرة علم النفس كما يراه السلوكيون في عام 1913، والتي دعا فيها إلى اعتماد السلوكيات القابلة للملاحظة فقط كأساس للبحث العلمي في علم النفس، حيث  ركزت المدرسة السلوكية على أن السلوك يمكن دراسته وتعديله من خلال التعلم، والذي يحدث نتيجة للتفاعل بين الفرد وبيئته.

تعريف علم النفس ومفهومه:

يرى العلماء أن جذور المصطلح الإنجليزي لعلم النفس تأتي من مجالين رئيسيين هما الفلسفة والفسيولوجيا، والكلمة سيكولوجية (نفسية) مشتقة من الكلمة اليونانية بسوخي التي تعني النفس، ولوغوس التي تعني العلم.
مفهوم علم النفس:
علم النفس هو العلم الذي يدرس الظواهر النفسية، ويشمل ذلك العمليات العقلية المعرفية، وهي العمليات التي يقوم بها الدماغ عند التخزين والاسترجاع وتكوين المشاعر والمعلومات؛ هذا وتتنوع هذه العمليات بين البسيطة مثل الإحساس والمعقدة مثل الإدراك، الذكاء، الذاكرة، والتعلم.
كما يدرس علم النفس حالات وسمات الشخصية التي تشمل الانفعالات، الطباع، والميول، حيث يهتم هذا العلم أيضًا بالعلاقات المتبادلة بين الاتصال والسلوك الإنساني من جهة، والعمليات العقلية من جهة أخرى، ويرى البعض أن علم النفس هو الدراسة العملية للسلوك.

ما هو مفهوم المدرسة السلوكية:

ظهرت المدرسة السلوكية على يد الفيلسوف الأمريكي جون واطسون، الذي بدأ بدراسة السلوك الملاحظ باستخدام الطرق العلمية الموضوعية، حيث يرى أنصار المدرسة السلوكية أن الإنسان يستقي سلوكه بشكل حتمي من بيئته، ولا يؤمنون بوجود عوامل داخلية تؤثر على السلوك من وجهة نظرهم، لا توجد ضرورة لدراسة أي عوامل أخرى، حيث يمكن ملاحظة وقياس جميع النشاطات بغض النظر عن مدى تعقيدها.
واعتبر واطسون أن الهدف الرئيسي لعلم النفس يجب أن يكون دراسة السلوك وليس الشعور، وأكد قائلاً: يجب أن يقتصر علم النفس على دراسة السلوك الموضوعي للإنسان والحيوان، وهو السلوك الذي يمكن ملاحظته من الخارج كما نلاحظ الظواهر. 
تنظر هذه المدرسة إلى الكائن الحي على أنه آلة ميكانيكية معقدة، تُحركها مثيرات فيزيائية تؤدي إلى استجابات عضلية وغددية مختلفة، دون أن تكون هناك دوافع موجهة نحو غاية محددة.

نشأة المدرسة السلوكية:

ظهرت السلوكية في أمريكا عام 1913 على يد جون واطسون، ونشأت هذه المدرسة بعد الانتشار الواسع الذي حققته المدرسة التحليلية بقيادة فرويد، وهناك عدة عوامل ساعدت في ظهور السلوكية، منها:
  1. ظهور اتجاهات تركز على الموضوعية في علم النفس، مثل أعمال ديكارت وأوغست كونت.
  2. نظرية داروين حول النشوء والاهتمام الذي صاحبها بدراسة نفس الحيوان.
  3. تأثير المدرسة الروسية (مدرسة المنعكس الشرطي) التي أسسها إيفان سيتشينوف وطوّرها بافلوف.
  4. عدم جدوى النظريات السابقة في علم النفس بشكل أو بآخر، مما أدى إلى ظهور المدرسة السلوكية.

ما هي اهتمامات المدرسة السلوكية:

جاءت السلوكية بمبادئ تتناقض تمامًا مع المدرسة الكلاسيكية، وتتمثل في:
  1. الاهتمام بدراسة الظاهرة السلوكية من خلال تحليل السلوك نفسه، دون اللجوء إلى دراسات خارج نطاق السلوك، وركزوا على الظواهر كما تحدث وكما يمكن ملاحظتها، مع إعطاء أهمية كبيرة للانعكاس كعامل ارتباط ملحوظ بين المثيرات والاستجابات.
  2. الاستناد إلى مبادئ التعزيز والعقاب ودورهما في تكوين سلوك الكائن الحي.
  3. إعطاء أهمية للملاحظة المباشرة ووصف الوقائع كما تحدث، ويرون أن سلوكنا إما متعلم أو تم تعديله عبر عمليات التعلم، وأننا نكتسب المعرفة، اللغة، القيم، المخاوف، والاتجاهات، مما يعني أن اكتشاف قوانين التعلم هو المفتاح لفهم العوامل التي تكمن وراء السلوك.
  4. التركيز على السلوك الظاهري بدلاً من الأحداث العقلية الداخلية مثل التفكير والتخيل؛ بدلاً من اعتبار هذه الأحداث سلوكًا بحد ذاتها، يتم التركيز على علاقة هذه الأحداث بالسلوك ودورها في تفسيره.
  5. القدرة على تشكيل السلوك من خلال التحكم في الظروف البيئية المناسبة.
  6. مبدأ التدرج في استخدام الأساليب العلاجية، مثل التدعيم والاشتراط المضاد.
  7. القدرة على تحليل السلوك إلى مفرداته البسيطة.
  8. إشراك العميل في تحديد أهداف العلاج ووسائله.

من هم أهم رواد المدرسة السلوكية؟:

للمدرسة السلوكية العديد من الرواد، وهم:

أولاً: جون واطسون:

وُلد جون واطسون في كارولينا الشمالية وحصل على درجة الماجستير من جامعة فورمان عام 1900، ودرس علم النفس التجريبي وأجرى تجاربه على الحيوانات، وقدم رسالة الدكتوراه بعنوان تطبيقات في مجال علم نفس الحيوان.
تتميز سلوكية واطسون ب:
  1. التنبؤ بالاستجابة بناءً على معرفة المثير.
  2. التنبؤ بالمثير بناءً على معرفة الاستجابة.
مسلمات علم النفس حسب تحديد واطسون:
  1. السلوك يتكون من عناصر يمكن تحليلها بواسطة مناهج البحث العلمية الموضوعية.
  2. السلوك يتألف من إفرازات غددية وحركات عضلية.
  3. هناك استجابة فورية من نوع ما لكل مثير، والعكس صحيح (الفعل وردة الفعل).
  4. العمليات الشعورية، إن وجدت، لا يمكن دراستها علميًا مثل التخيل والتفكير.

ثانياً: إيفان بافلوف:

وُلد إيفان بافلوف عام 1849 بالقرب من موسكو، ويُعتبر أول من درس العلاقة بين المخ والسلوك، وهي من أعقد المشكلات في علم النفس، ومن أهم دراساته:
  1. دراسة وظيفة أعصاب الكلاب.
  2. دراسة عملية إفراز اللعاب، والتي حصل بسببها على جائزة نوبل عام 1904.
  3. دراسة المراكز العصبية العليا في الدماغ.
  4. تركز اهتمامه على دراسة الاشتراط من خلال تجارب على الكلاب التي خضعت لعمليات جراحية لتحويل مسار اللعاب عبر أنابيب من خلال فتحات في الرقبة إلى خارج الجسم.
  5.  لاحظ بافلوف أن الكلب يفرز لعابه قبل تناول الطعام أو بمجرد رؤية شخص يحمل الطعام أو سماع جرس، حتى وصل إلى أن الشخص أو الجرس أصبح المثير الشرطي بعد عدة تكرارات اقترن فيها المثير الطبيعي بالمثير الشرطي.
  6.  اكتشف بافلوف أن أي مثير يمكن أن يؤدي إلى استجابة (إفراز اللعاب).

أهم المبادئ التي توصل إليها بافلوف:

  1. التدعيم: الاستجابة لا تحدث إلا إذا اقترن المثير الطبيعي بالمثير الشرطي لعدد من المرات.
  2. مبدأ الانطفاء: يحدث عند ظهور المثير الشرطي دون أن يعقبه المثير الطبيعي لعدة مرات، مما يؤدي إلى انطفاء الاستجابة.
  3. مبدأ التعميم: حيث تستجيب الكلاب للمثيرات المتشابهة.
  4. مبدأ التمييز: حيث يستجيب الكلب للمثير الذي يتبعه تدعيم بالطعام دون غيره من المثيرات.

ثالثاً: إدوارد تولمان:

يُعتبر إدوارد تولمان أحد أعمدة المدرسة السلوكية وينتمي إلى السلوكيين الجدد، وهو أمريكي الأصل، حيث يمكن تلخيص موقف تولمان في النقاط التالية:
  1. السلوكية القصدية: زاوج تولمان بين السلوك والقصد، مما يتعارض مع رفض السلوكية للشعور.
  2. العوامل المتداخلة: يرى تولمان أن هناك خمسة متغيرات تمثل أسبابًا للسلوك، وهي: السن، المثيرات البيئية، الوراثة، التدريب السابق، والحواجز الفيزيولوجية.
  3. نظرية التعلم: يرى تولمان أن سلوك الإنسان والحيوان يمكن تعديله من خلال الخبرة.

رابعاً: كلارك هول:

كلارك هول هو عالم نفس أمريكي معاصر، ويعد من الشخصيات البارزة في مجال علم النفس، وأهم نظرياته تتضمن:
  1. الإطار المرجعي للسلوك: يتعلق بتكيف الكائن الحي مع البيئة الفريدة التي يعيش فيها.
  2. منهج البحث في علم النفس: يرى هول أن قوانين السلوك يجب أن تصاغ بطريقة رياضية دقيقة، مما يعزز الدقة والتحقق العلمي.
  3. نظرية التعلم: تشير إلى أن التعلم هو آلية تسمح للكائن الحي بإرضاء حاجاته بناءً على مدى وتنوع مجهوداته.

يركز هول في أعماله على استخدام منهجيات رياضية لفهم وتحليل السلوك البشري والحيواني بطريقة علمية دقيقة.

ما أهم مفاهيم النظرية السلوكية (المدرسة السلوكية)؟

المدرسة السلوكية تقوم على مجموعة من المفاهيم الأساسية التي تشمل:
  1. سلوك الإنسان متعلم: يتعلم الفرد السلوك السوي وغير السوي من خلال نشاطات معينة يقوم بها، ويمكن تعديل أو تغيير هذا السلوك المتعلم من خلال التدعيم والتعزيز.
  2. المثير والاستجابة: كل سلوك أو استجابة لها مثير معين، وفقاً للنظرية السلوكية، وإذا كانت الظروف مناسبة فإن السلوك يكون سوياً، والعكس صحيح؛ لذا، يجب في التوجيه التربوي والنفسي دراسة المثير والاستجابة، والعوامل الشخصية والجسمية والعقلية والاجتماعية التي تؤثر في ذلك.
  3. الدافع: يعتبر الدافع شرطاً أساسياً لكل عملية تعلم، حيث لا توجد تعلم بدون دافع، وكلما كان الدافع قوياً، زادت فعالية التعلم واهتمام المتعلم به، يمكن أن يكون الدافع الفطري الذي ينتقل إلى الفرد عن طريق الوراثة البيولوجية، مثل الجوع والعطش وحاجة النوم، والدافع المكتسب الذي يتعلمه الفرد نتيجة لتجاربه اليومية وتفاعله مع بيئته الاجتماعية، مثل احترام الذات والخجل والتدخين.
  4. التعزيز (التدعيم): يتمثل التعزيز في تقوية السلوك المتعلم عندما يتم تدعيمه وتعزيزه، مما يجعل المتعلم يميل إلى تكرار هذا السلوك؛ على سبيل المثال، عندما يحصل الطفل على مكافأة عن سلوك يعتبر جيداً، فإنه يميل إلى تكرار هذا السلوك.
  5. الانطفاء: يعكس مبدأ التدعيم والتعزيز، حيث يحدث الانطفاء عندما يتم إثارة استجابة معينة دون أن يتم تدعيمها، مما يؤدي تدريجياً إلى ضعف واختفاء السلوك المتعلم.؛ على سبيل المثال، يمكن تغيير سلوك غير مرغوب فيه بتجاهله وعدم التفاعل معه، مما يؤدي إلى تغيير السلوك وتعديله.
  6. التعميم: يتعلق بنقل تأثير المثير والموقف إلى مثيرات ومواقف أخرى تشبهها، حيث يميل الفرد إلى تعميم استجابته المتعلمة على مواقف أخرى تشابه الاستجابة المتعلمة؛ على سبيل المثال، عندما يشجع الأستاذ سلوكاً إيجابياً لدى طالب، فإن هذا الطالب قد يميل إلى تكرار هذا السلوك مع الآخرين أيضاً.
  7. التعلم بالتقليد والمحاكاة: يتم تعلم الأفراد لسلوكهم من خلال مشاهدة نماذج من بيئتهم ومحاكاة تلك السلوكيات؛ فعندما يلاحظ الفرد سلوكاً مرغوباً ويقلده، فإنه يتعلم هذا السلوك عن طريق الملاحظة والتقليد.

أسئلة دارجة عن المدرسة السلوكية في علم النفس:

ما هي المدرسة السلوكية في علم النفس؟

المدرسة السلوكية في علم النفس هي تيار من التفكير الذي نشأ في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وتمثل تحولاً كبيراً في مجال علم النفس، حيث وُضعت الأسس النظرية للمدرسة السلوكية بشكل رئيسي بواسطة علماء مثل جون ب. واطسون، إيفان بافلوف، وب.إف. سكينر.

من هم رواد المدرسة السلوكية؟

  1. جون ب. واطسون (John B. Watson): كان من بين أوائل العلماء الذين نشروا أفكار المدرسة السلوكية في الولايات المتحدة، وواطسون اشتهر بتأسيس علم النفس التجريبي والتركيز على دراسة السلوك القابل للملاحظة بدلاً من العمليات العقلية الداخلية.
  2. إيفان بافلوف (Ivan Pavlov): عالم روسي مشهور بأبحاثه في تعلم الاشتراط، حيث استخدم الكلاب في دراساته حول كيفية تعلمها الاستجابة للمثيرات الشرطية.
  3. ب. إف. سكينر (B.F. Skinner): عالم نفس أمريكي، اشتهر بنظريته عن التعلم النفساني الشرطي والتعلم النفساني الحاضر، حيث درس كيفية تأثير التحفيزات الخارجية على السلوك.

من أبرز اعلام علم النفس السلوكي؟

  1. إدوارد تولمان (Edward Tolman): كان يهتم بدراسة السلوك المعقد وتأثير الأهداف والتوقعات على توجيه السلوك، وهو معروف بنظريته حول الخرائط الإدراكية والتعلم المشاكلي.
  2. كلارك هول (Clark Hull): اشتهر بنظريته الرياضية للسلوك، حيث حاول تفسير السلوك البشري باستخدام الموديلات الرياضية والمفاهيم الرياضية.
  3. بيرجرز سكينر (Bergen Skinner): كان له إسهامات كبيرة في مجال التحفيز والتعلم، وقد أثر في فهمنا لكيفية تشكل السلوك بواسطة التعزيز والتحفيزات الخارجية.
  4. جون دولارد (John Dollard) و نيل ميلر (Neal Miller): عملا معًا على نظرية التعلم الاشتراطي وأثرا في فهم العلاقات بين السلوك والمحفزات الخارجية والدوافع الداخلية.

متي تأسست المدرسة السلوكية؟

تأسست المدرسة السلوكية كتوجه رئيسي في علم النفس في بداية القرن العشرين، حوالي عام 1913. الظهور الرسمي للمدرسة السلوكية يعزى إلى العمل البارز لجون ب. واطسون، الذي نشر مقاله المهم علم النفس كما يمكن أن يكون في عام 1913.
واطسون قدم في هذا المقال مبادئ المدرسة السلوكية التي تركز على دراسة السلوك القابل للملاحظة بدلاً من التركيز على العمليات العقلية الداخلية كما كان يفعل العلماء السابقون، مثل النفس الانطلاقي والتحليلي.
بالتالي، يمكن القول أن المدرسة السلوكية تأسست رسميًا وبدأت بالظهور كتوجه مستقل في علم النفس في بداية القرن العشرين، وتمثلت في أعمال وأبحاث عدد من العلماء مثل واطسون، وبافلوف، وسكينر، وغيرهم.

تعليقات