تعرف على المدرسة السلوكية في علم النفس
تعتبر المدرسة السلوكية في علم النفس هي واحدة من أبرز مدارس علم النفس التي ظهرت في أوائل القرن العشرين، إذ تأسست هذه المدرسة على يد جون واتسون، الذي نشر مقالة عام 1913 تُعتبر البداية الرسمية للمدرسة السلوكية، حيث تركز المدرسة السلوكية على دراسة السلوكيات المرئية والقابلة للقياس، بدلاً من العمليات العقلية الداخلية التي لا يمكن مشاهدتها مباشرة.
ما هو علم النفس السلوكي؟
علم النفس السلوكي هو فرع من علم النفس يركز على دراسة السلوكيات القابلة للملاحظة والقياس، بدلاً من العمليات العقلية الداخلية التي لا يمكن رؤيتها أو قياسها بشكل مباشر، ويعتمد هذا النهج على فرضية أن السلوكيات تتشكل بواسطة البيئة من خلال التعلم والتجارب، ويهدف إلى فهم كيفية تفاعل الأفراد مع بيئتهم وكيفية تأثير العوامل البيئية على سلوكهم.
الأسس والمبادئ الرئيسية لعلم النفس السلوكي:
- السلوك القابل للملاحظة: يركز علماء النفس السلوكيون على دراسة السلوكيات التي يمكن ملاحظتها وقياسها بدقة، متجنبين الاهتمام بالمشاعر أو الأفكار الداخلية.
- التعلم من خلال التفاعل مع البيئة: يرى السلوكيون أن السلوك يتم تعلمه من خلال التفاعل مع البيئة. يشمل هذا التفاعل عملية التعزيز والعقاب التي تؤثر على احتمال تكرار السلوك.
- التكييف الكلاسيكي: اكتشفه إيفان بافلوف، ويشير إلى التعلم من خلال الربط بين منبه غير مشروط (مثل الطعام) ومنبه محايد (مثل جرس)؛ وبمرور الوقت، يبدأ المنبه المحايد في استدعاء نفس الاستجابة كاستجابة غير مشروطة.
- التكييف الإجرائي: طوره بورهوس فريدريك سكينر، ويشير إلى التعلم من خلال العواقب، والسلوك الذي يتم تعزيزه (مكافأته) سيزداد في التكرار، في حين أن السلوك الذي يتم معاقبته سيقل.
- التعميم والتفريق: يشير التعميم إلى الميل للاستجابة بنفس الطريقة لمواقف مشابهة للموقف الأصلي الذي تم تعلم السلوك فيه، ويشير التفريق إلى القدرة على التمييز بين المواقف المختلفة والاستجابة بشكل مختلف لكل منها.
أهم تطبيقات المدرسة السلوكية:
يستخدم علم النفس السلوكي في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك:
- التربية والتعليم: تطوير استراتيجيات تعليمية فعالة تعتمد على تعزيز السلوكيات الإيجابية.
- العلاج السلوكي: علاج الاضطرابات النفسية والسلوكية مثل الفوبيا والإدمان من خلال تقنيات التعلم والتعزيز.
- مجال الأعمال: تحسين أداء الموظفين من خلال برامج التعزيز والتحفيز.
الانتقادات الموجه لعلم النفس السلوكي:
رغم أن علم النفس السلوكي قدم إسهامات كبيرة، إلا أنه تعرض للنقد بسبب تجاهله للعوامل الداخلية مثل الأفكار والمشاعر والاعتبارات البيولوجية. دفع هذا الانتقادات إلى ظهور مدارس نفسية أخرى مثل علم النفس المعرفي، الذي يجمع بين السلوكيات القابلة للملاحظة والعمليات العقلية الداخلية.
تعرف على 7 أنواع مختلفة من مدارس علم النفس
ما هي المدرسة السلوكية؟
- في أوائل القرن العشرين، أكد جون واتسون أن علم النفس يجب أن يصبح علمًا حقيقيًا يركز على موضوع يمكن لجميع العلماء ملاحظته، واعتبر أن هذا الموضوع هو سلوك الكائنات الحية، وعرّف علم النفس على أنه "الدراسة العلمية للمنبهات والسلوك الذي تنتجه".
- أنكر واتسون وجود استعدادات موروثة وأكد على دور العوامل البيئية في التعلم وتكوين العادات، وقال عبارته الشهيرة: "أعطوني عشرة أطفال أصحاء، وسأضمن تدريب أي واحد منهم ليصبح أي شيء تختارونه، سواء كان طبيبًا، محاميًا، فنانًا، تاجرًا، أو حتى لصًا، بغض النظر عن ميوله ومواهبه".
- أصبح علم النفس قادرًا على دراسة سلوك الحيوانات والأطفال والأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية، ولا يزال تأثير المدرسة السلوكية واضحًا في علم النفس، خاصة في مجال البحوث ووسائل العلاج السلوكي وعلاج اضطرابات السلوك.
- بخلاف البنيوية التي ركزت على دراسة الشعور من خلال التأمل الذاتي والتحليل العلمي والبيولوجي، ظهرت السلوكية كتوجه يرفض الاهتمام بما لا يمكن ملاحظته وقياسه، دعت السلوكية إلى اتباع طرق موضوعية وعلمية في دراسة السلوك، بعيدًا عن الأمور الفلسفية التي لا يمكن ملاحظتها.
- انطلقت المدرسة السلوكية بقيادة مؤسسها جون واتسون الذي اعتبر الفرد كائنًا بيئيًا بحتًا، مؤكدًا أن العوامل الخارجية هي المؤثرة الوحيدة على السلوك، رافضًا النظر في العوامل الداخلية.
- تُعد المدرسة السلوكية من أشهر المدارس في علم النفس الأمريكي، حيث وصف علم النفس بأنه علم السلوك الموضوعي.
من هم أهم رواد المدرسة السلوكية؟:
يوجد العديد من رواد المدرسة السلوكية، ومن أهمهم ما يأتي:
أولاً: جون واتسون:
وُلد جون واتسون في ولاية كارولينا الشمالية، وحصل على شهادة الماجستير من جامعة فورمان عام 1900م، وتأثر بالدراسة في جامعة شيكاغو تحت إشراف جون ديوي، حيث درس علم النفس التجريبي وأجرى تجاربه على الحيوانات، وقدم رسالة الدكتوراه عن تطبيقات علم نفس الحيوان ونشر مقالة بعنوان "علم النفس من وجهة نظر سلوكية"، مشيرًا إلى أن علم النفس هو فرع من العلوم الطبيعية.
في عام 1914، أصدر واتسون كتابه الأول بعنوان "السلوك: مقدمة في علم النفس المقارن"، حيث تجاهل في الطبعة الأولى أعمال إيفان بافلوف، لكنه أشار إليها في الطبعة التالية، واعتبر أن علم النفس يجب أن يتبع نفس النهج العلمي الدقيق الذي تتبعه العلوم الأخرى.
ثانياً: إيفان بافلوف:
كان إيفان بافلوف شخصية مؤثرة في تاريخ السلوكية، حيث كان أول من درس العلاقة بين الجهاز العصبي الدماغي والسلوك، ووُلد بافلوف عام 1849 بالقرب من موسكو، وتميز بشغفه الكبير بالبحث العلمي؛ خلال حياته، ركز على ثلاث مشكلات رئيسية:
- دراسة وظيفة أعصاب القلب.
- عملية إفراز اللعاب، التي حصل بسببها على جائزة نوبل عام 1904.
- دراسة المراكز العصبية العليا في الدماغ، مما زاد من شهرته.
كان كل اهتمامه منصبًا على دراسة الأفعال المنعكسة، وذلك باستخدام كلاب مفحوصة أجرى لها عمليات جراحية لتحويل مسار اللعاب عبر أنابيب من خلال فتحات في الرقبة، ليخرج اللعاب خارج الجسم، ولاحظ بافلوف أن الكلب يفرز اللعاب قبل تناول الطعام أو عند مجرد رؤية الشخص الذي يحمل الطعام، وصولًا إلى أن الشخص الذي يعد الطعام أو الجرس أصبحا مثيرات تفرز لعاب الكلب، وهذا الاكتشاف جاء بعد تكرار عدد من المثيرات المختلفة.
من أهم المبادئ التي اكتشفها بافلوف:
- مبدأ التدعيم: أي أن الاستجابة تحدث فقط إذا اقترن المثير الطبيعي مع المثير المحايد لعدد من المرات.
- مبدأ الانطفاء: يحدث عندما يظهر المثير المحايد دون أن يتبعه المثير الطبيعي لعدة مرات، مما يؤدي إلى اختفاء الاستجابة.
- مبدأ التعميم: حيث يستجيب الكلب للمثيرات التي تشبه المثير الأصلي.
- مبدأ التمييز: حيث يستجيب الكلب للمثير الذي يتبعه تدعيم بالطعام دون غيره من المثيرات.
ثالثاً: إدوارد ثورندايك:
- يُعد إدوارد ثورندايك من أبرز الباحثين في علم نفس الحيوان، وكان من أوائل علماء النفس الأمريكيين الذين تلقوا تعليمهم في أمريكا. تأثر ثورندايك بكتاب "مبادئ علم النفس" لويليام جيمس، ثم درس تحت إشرافه فيما بعد، وكانت أبحاثه الأولى على الدجاج باستخدام المتاهات، ومن أهم كتبه "ذكاء الحيوان".
- كان يرى أنه عند دراسة السلوك، يجب تقسيمه إلى وحدات بسيطة مثل المثير والاستجابة، حيث تشكل هذه الوحدات اللبنات الأساسية للسلوكيات الأكثر تعقيدًا.
- توصل ثورندايك إلى معظم نتائجه باستخدام جهاز جديد في وقته يعرف بـ "القفص المحير"، ويتم وضع الحيوان في هذا القفص ويُطلب منه الخروج، حيث يكون هناك طعام (مكافأة) خارج القفص يغري الحيوان الجائع، حيث يكون باب القفص مغلقًا بمزلاج، ومهمة الحيوان هي التوصل إلى كيفية فتح المزلاج للخروج والوصول إلى الطعام.
- لاحظ ثورندايك أن سلوك الحيوان في البداية يكون عشوائيًا، حيث يحاول بطرق متعددة وبشكل غير منظم حتى يصطدم بالمصادفة بالمزلاج ويفتح الباب، ومع تكرار المحاولات، تقل العشوائية تدريجيًا حتى يتعلم الحيوان التركيز مباشرة على فتح المزلاج للخروج والحصول على الطعام، مما يظهر عملية التعلم بالتجربة والخطأ.
مقال رائع يتضمن معلومات عن المدرسة البنائية في علم النفس
ما هي خصائص المدرسة السلوكية في علم النفس؟
المدرسة السلوكية في علم النفس هي نهج يركز على دراسة السلوكيات القابلة للملاحظة والقياس، بدلاً من العمليات العقلية الداخلية. تتميز بعدة خصائص رئيسية:
أولاً: التركيز على السلوك القابل للملاحظة:
- تهتم المدرسة السلوكية فقط بالسلوكيات التي يمكن ملاحظتها وقياسها بشكل موضوعي.
- تتجنب دراسة العمليات العقلية الداخلية مثل الأفكار والمشاعر.
ثانياً: التعلم من خلال التفاعل مع البيئة:
- تؤكد المدرسة السلوكية على أن السلوك يتم تعلمه من خلال التفاعل مع البيئة.
- يعتبر التعلم نتيجة لتأثير المثيرات البيئية والعواقب المترتبة على السلوك.
ثالثاً: التكييف الكلاسيكي:
- استنادًا إلى أعمال إيفان بافلوف، يتم التعلم من خلال الربط بين منبه غير مشروط (مثل الطعام) ومنبه محايد (مثل جرس).
- بعد تكرار الاقتران، يصبح المنبه المحايد قادرًا على استدعاء نفس الاستجابة التي يستدعيها المنبه غير المشروط.
رابعاً: التكييف الإجرائي:
- بناءً على أعمال بورهوس فريدريك سكينر، يتم التعلم من خلال العواقب.
- السلوك الذي يتم تعزيزه (مكافأته) يزداد احتمال تكراره، في حين أن السلوك الذي يتم معاقبته يقل احتمال تكراره.
خامساً: مبدأ التعزيز والعقاب:
- التعزيز الإيجابي: تقديم مكافأة بعد السلوك لزيادة احتمالية تكراره.
- التعزيز السلبي: إزالة محفز غير مرغوب بعد السلوك لزيادة احتمالية تكراره.
- العقاب الإيجابي: تقديم محفز غير مرغوب بعد السلوك لتقليل احتمالية تكراره.
- العقاب السلبي: إزالة مكافأة بعد السلوك لتقليل احتمالية تكراره.
سادسًا: مبدأ التعميم والتفريق:
- التعميم: استجابة الفرد للمثيرات المشابهة للمثير الأصلي.
- التفريق: قدرة الفرد على التمييز بين المثيرات المختلفة والاستجابة بشكل مختلف لكل منها.
سابعاً: التطبيقات العملية:
- تم استخدام مبادئ المدرسة السلوكية في مجالات عديدة مثل التعليم، العلاج النفسي، وتعديل السلوك.
- تطوير برامج تعزيز السلوك الإيجابي في الفصول الدراسية.
- استخدام تقنيات التعلم السلوكي في علاج الاضطرابات النفسية والسلوكية مثل الفوبيا والإدمان.
ثامناً: الرفض للفطرية:
- تعتقد المدرسة السلوكية أن السلوكيات ليست موروثة بل مكتسبة من البيئة.
- ترى أن العوامل البيئية هي المحدد الأساسي للسلوك، وليس العوامل الفطرية أو الجينية.
المدرسة السلوكية أسست لأساليب علمية موضوعية في دراسة السلوك، وفتحت الطريق أمام تطوير العلاجات السلوكية الفعالة والبرامج التعليمية المستندة إلى التعزيز.