📁 المقالات الحديثة

الدراسات المسحية في البحث العلمي

الدراسات المسحية
 قد تكون الدراسات المسحية في البحث العلمي على نطاق ضيق، كما قد تكون على نطاق واسع، ذلك أنها قد تقتصر على دولة واحدة، أو منطقة واحدة، أو محافظة واحدة، أو النظام المدرسي في مدينة من المدن، أو بعض الوحدات الأخرى، وقد تمتد جغرافيا لتشمل عدة بلاد، وقد تجمع البيانات المسحية من كل عضو من أعضاء العينة؛ أو من عينة منتقاة بدقة، وقد تختص البيانات التي يتم جمعها بعدد هائل من العوامل المتعلقة أو ذات الصلة، أو ببنود قليلة منتقاة، ويتوقف مدى الدراسة وعمقها بشكل أساسي على طبيعة المشكلة.

ما هو المسح في البحث العلمي؟، وما هي وظيفته؟

يعرف المسح (Survey) بأنه "محاولة منظمة للحصول على معلومات من جمهور معين، أو عينة معينة، وذلك عن طريق استخدام استمارات البحث، أو المقابلات".
يذكر كل من " فؤاد أبو حطب وآمال صادق أن المسح كما يستخدمانه له معنى محدد، وهو أنه " دراسة لحاضر الظواهر العلمية " وهو بهذا المعنى؛ يجيب عن أحد أربعة أسئلة مهمة، أو عنها جميعاً، باستخدام الأدوات المناسبة لجمع البيانات، وهذه الأسئلة كالتالي:
  1.  ما هي طبيعة الظاهرة موضع البحث؟ وهذا السؤال ينتمى إلى المنهج الوصفي .
  2.  ما هي العلاقات بين المكونات (المتغيرات) التي تتألف منها بنية الظاهرة موضع البحث، والتي تقترن معاً حسب مبدأ التلازم في الاختلاف؟ وهذا السؤال ينتمى إلى المنهج الارتباطي .
  3. ما هي العلاقات بين المكونات (المتغيرات) التي تتألف منها الظاهرة ومتغيرات أخرى خارجية عنها، والتي تقترن معها حسب مبدأ التلازم في الحدوث؟ وهذا السؤال ينتمى إلى المنهج شبه التجريبي .
  4. ما هي المتغيرات من خارج الظاهرة موضع البحث التي ترتبط بالمتغيرات داخلها بعلاقة سببية؟ وهذا السؤال ينتمى إلى المنهج التجريبي.

الوظيفة الأساسية للمسح هي:

توفير المعلومات حول موقف أو جماعة؛ ذلك أنه محاولة لجمع بيانات من أعضاء المجتمع الأصل، أو عينة منه؛ لكى نحدد الحالة الراهنة لهذا المجتمع، أو لهذه العينة بالنسبة لمتغير أو أكثر، والنمط الشائع هو الدراسة المسحية بالعينة؛ وفى هذه الدراسة يستنبط الباحث معلومات عن المجتمع الأصل كله، وذلك بالاعتماد على استجابات أفراد العينة المأخوذة من ذلك المجتمع.

ما هي أهمية الدراسات المسحية في البحث العلمي؟

لا شك في أن للدراسات المسحية أهمية كبيرة. ويمكن تحديد هذه الأهمية في النقاط التالية:
  1. أن للبحوث والدراسات المسحية فائدة نظرية (على المستوى النظري) فالباحث التربوي على سبيل المثال قد يلجأ إليها بعد أن تكون قد أجريت بحوث استطلاعية (كشفية) على الظاهرة التربوية موضع الاهتمام من جانبه؛ فيحاول جمع الحقائق عن الظاهرة وتحليلها وتفسيرها للوصول إلى تعميمات بشأنها.
  2. تتوقف الأهمية النظرية للدراسات المسحية على مقدار ما أسفرت عنه الدراسات السابقة؛ وعلى مدى معرفة الباحث بالظاهرة المدروسة.
  3. أنه يمكن الاستفادة من البحوث والدراسات المسحية في عمليات التخطيط القومي والتربوي، ونظراً إلى أن التخطيط يتطلب التعرف على الأهداف المختلفة للجماعات وقياسها؛ كما وكيفاً، وترتيبها حسب أولوياتها، واستقصاء رغبات الأفراد والجماعات، والتعرف على ميولهم، واتجاهاتهم، والكشف عن الموارد والإمكانات، وتقديرها، فإنه يصبح من المحتم القيام بدراسات مسحية لجمع البيانات المطلوبة.
  4. هذه البيانات تجمع عادةً قبل البدء في البرامج المختلفة، وتجمع أثناء، وبعد تنفيذ البرنامج .
  5. أنه يمكن الاستفادة من البحوث والدراسات المسحية أيضاً، وفي دراسة المشكلات وتحديدها، وتحديد مدى تأثيرها على المجتمع. وتحديد ومعرفة الأفراد، والجماعات المهتمة بحل هذه المشكلات، وتقدير الموارد والإمكانات الموجودة،
  6. والتي يمكن استخدامها لعلاج المشكلات، واقتراح الحلول لها.
  7. أنه يمكن الاستفادة من البحوث والدراسات المسحية؛ وكذلك، في قياس اتجاهات الرأي العام نحو مختلف الموضوعات، وقد يتطلب الأمر، ففي كثير من الأحيان قياس الاتجاهات في مراحل مختلفة لتقييم الجهود المبذولة، أو للمقارنة بين طرق مختلفة لتغيير الاتجاهات.

أنواع الدراسات المسحية في البحث العلمي:

توجد تصنيفات متعددة للبحوث والدراسات المسحية في البحث العلمي، ومنها التالي:
  1. الدراسات المسحية المدرسية (المسح المدرسي).
  2. الدراسات المسحية عن تحليل العمل.
  3. الدراسات المسحية عن تحليل الوثائق.
  4. الدراسات المسحية عن الرأي العام.
  5. الدراسات المسحية للمجتمعات المحلية.

أولاً: الدراسات المسحية المدرسية (المسح المدرسي):

  1. بدأ بعض العاملين فى مهنة التربية والتعليم، مع بدايات القرن العشرين الماضي، في القيام بعمليات مسح مدرسي، وبناء على ما توصلوا إليه من نتائج أعدوا خططاً لتحسين الكفاية والفاعلية التربوية.
  2. بتعاقب السنين، قام من جاء بعدهم بمواصلة جمع الحقائق عن طريق الملاحظات، والاستخبارات، والمقابلات، والاختبارات المقننة، وبطاقات الدرجات، ومقاييس التقدير، وغير ذلك من طرق جمع البيانات والمعلومات، وتقويمها؛ ونتيجة لتحليل تلك البيانات، قدموا توصيات أحدثت تحولاً في الكثير من الممارسات الإدارية، والتعليمية، والمالية، ومناهج التعليم.
  3. يتعلق هذا النوع من البحوث والدراسات المسحية بدراسة الموضوعات والمشكلات المتعلقة بالميدان التربوي بكافة أبعاده؛ كالأهداف التربوية، ومحتوى المنهج، وطرق وأساليب التدريس، والوسائل التعليمية، وهيئة التدريس، والتوجيه الفني، والإجراءات المالية والإدارية، والخدمات الطلابية، والمباني المدرسية وغيرها من مكونات النظام المدرسي والعوامل المؤثرة فيه.
  4. يمكن أن يقوم بهذا المسح أعضاء من هيئة التدريس والإدارة، وقد يقوم به فريق من أعضاء هيئة التدريس والخبراء، وتجرى الدراسات المسحية المدرسية عامة بغرض التقويم الداخلي أو الخارجي، أو بغرض التقويم والتوصل إلى تحديد الاحتياجات.
  5. ينتج عن هذه الدراسات في الغالب مجموعة من التوصيات أو تقديرات للاحتمالات المستقبلية، وهى تقوم على جمع البيانات عن الوضع الراهن لمتغيرات مثل: خصائص المجتمع المحلى، وهيئة العاملين الإدارية والفنية، والمجتمع والتعليم.

ثانياً: الدراسات المسحية عن تحليل العمل:

  1. يستخدم تحليل العمل، وهى طريقة مستعارة من ميدان إدارة الأعمال والأعمال الحكومية، ففي بعض الأحيان لدراسة الأوضاع الإدارية، والتعليمية، وغير التعليمية.
  2. في هذه البحوث قد تجمع المعلومات عن واجبات العاملين ومسؤولياتهم العامة، والأنشطة المعينة التي يزاولونها في عمل من الأعمال، وأوضاعهم، وعلاقاتهم في داخل التنظيم الإداري، وظروف أعمالهم، وطبيعة نوع التسهيلات المتاحة لهم.
  3. قد تبحث أيضاً أوصاف التعليم، والتدريب المتخصص للعاملين وخبراتهم، ومرتباتهم، وما لديهم من معارف، ومهارات، وعادات، ومستويات صحية، وسمات سلوكية.
  4. تساعد البيانات المتجمعة الباحثين على وصف ممارسات وظروف العمل الجارية، والكفاءات والسمات السلوكية التي يتصف بها الأفراد، أو ينبغي أن يتصفوا بها لكى يقوموا بعملهم بفاعلية وكفاية.
  5. ينبغي على الباحثين الذين يضطلعون بدراسات تحليل العمل؛ أن يكونوا واعين بالصعوبات المتضمنة في الحصول على أوصاف دقيقة، فمثلا إذا جزأت دراسة من الدراسات عملاً من الأعمال إلى عديد من الأنواع المعينة من الأنشطة؛ فإن جُماع هذه الأشياء الكمية أو الآلية تعطى صورة جزئية عن العمل فقط؛ ذلك لأن هذا التحليل يغفل الخصائص الكيفية أو الابتكارية اللازمة للأداء الناجح للعمل.
  6. الدراسة التي لا تعطى اهتماماً للخصائص الشخصية اللازمة للعامل؛ مثل المثل العليا، والاتجاهات، والثراء الفكري، والأصالة والتعاون، ومدى إمكانية الاعتماد على الشخص وما يتمتع به من فطنة وكياسة، ولا تقدم وصفاً كاملاً للعمل.

ثالثاً: الدراسات المسحية عن تحليل الوثائق:

قد تكون قراءة الوثائق والسجلات ثقيلة بالنسبة لغير المتخصص؛ إلا أن الباحثين غالباً ما يستكشفون بيانات ممتعة ولها دلالتها من هذه المصادر. ويرتبط تحليل الوثائق الذى يسمى أحياناً بتحليل المحتوى أو النشاط، أو المعلومات ارتباطاً وثيقاً بالبحوث التاريخية.
كل من هذين المنهجين من مناهج البحث، أي منهج البحث الوصفي ومنهج البحث التاريخي يفحص السجلات الموجودة، إلا أن البحوث التاريخية تهتم أساساً بالماضي البعيد؛ بينما تتعلق البحوث الوصفية بالوضع الراهن.

رابعاً: الدراسات المسحية عن الرأي العام:

ويستخدم القائمون بالدراسات المسحية عن الرأي العام عادة الاستفتاءات أو المقابلات الشخصية لجمع بياناتهم، ويختار القادرون منهم مبحوثيهم (مفحوصيهم) بعناية بحيث تمثل بدقة وجهات نظر كل قطاع من المجتمع كله.
مثلاً لكى يتنبأ هؤلاء القائمون بنتيجة انتخاب قومي، فإنهم يسعون أولاً إلى تحديد المتغيرات التي سوف تؤثر في اقتراع الأفراد؛ مثل الوضع الاقتصادي، أو الدين، أو الانتماء لحزب من الأحزاب، أو السن، أو الإقامة في القرية أو المدينة، أو التعليم، أو الجنس.
بعد وضع هذه المحددات، فإنهم يقومون مقدار الوزن الذى يعطونه لكل متغير من هذه المتغيرات عند اختيار العينة.

خامساً: الدراسات المسحية للمجتمعات المحلية:

غالباً ما يجد الباحثون التربويون أنه من الـضروري دراسـة الوضـع في المجتمـع المحلى، والجوانب المميزة للحياة فيه نتيجة لمـا بـين المـدارس والمجتمـع المحـلى مـن علاقة وثيقة.
في بعض الأحيان، ينضم الباحثون التربويون إلى بـاحثين اجتماعيـين آخرين في مشروعات البحث عن الحقائق، أو ما تعـرف بالدراسـات المـسحية عـن المجتمع المحلى؛ أو الدراسات المسحية الاجتماعيـة، أو الدراسـات الميدانيـة.
هـذه الدراسات المسحية للمجتمـع المحـلى قريبـة الـشبه جـداً مـن الدراسـات المـسحية المدرسية؛ ذلك أنهـا قـد تتـضمن بيانـات تتعلـق بالمـدارس، وبـالعكس قـد تحلـل الدراسات المسحية المدرسية جوانب كثيرة من المجتمع المحلى.

تعليقات