ما هي نظرية الإشراط الإجرائي مفهومها وافتراضاتها
نظرية الإشراط الإجرائي التي قدمها عالم النفس الأمريكي بورهوس فريدريك سكينر (B.F. Skinner) تعد من أبرز النظريات في علم النفس السلوكي، حيث تركز هذه النظرية على كيفية تعلم السلوك من خلال تعزيز العواقب أو تقليلها، ويعتمد الإشراط الإجرائي على مبدأ أن السلوك يمكن تعديله بناءً على النتائج التي تترتب عليه؛ حيث يتم تعزيز السلوك المرغوب فيه من خلال المكافأة أو العقاب المناسب، بينما يتم تقليل السلوك غير المرغوب فيه باستخدام العقاب أو الامتناع عن المكافأة، وتُعتبر هذه النظرية تطورًا لنظريات الإشراط الكلاسيكي التي كانت تركز على الترابط بين المنبهات والاستجابات، حيث أضاف سكنر فكرة أن العواقب تلعب دورًا محوريًا في تعلم السلوك وتنميته.
مفهوم نظرية الإشراط الإجرائي؟:
نظرية الإشراط الإجرائي التي طورها عالم النفس بورهوس فريدريك سكينر (B.F. Skinner) تعد من النظريات المركزية في علم النفس السلوكي.
هذه النظرية تعتمد على مبدأ أن السلوك يتأثر بالعواقب التي تليه، سواء كانت إيجابية أو سلبية. وفقًا لسكينر، يتم تعزيز السلوك الذي يُتبع بعواقب إيجابية، مما يزيد من احتمالية تكراره في المستقبل، بينما يتم تقليل السلوك الذي يؤدي إلى عواقب سلبية أو غير مرضية.
تختلف هذه النظرية عن الإشراط الكلاسيكي لبافلوف في أنها تركز على التعلم من خلال النتائج وليس على الربط بين منبهات محددة واستجابات محددة.
يستخدم سكينر مصطلحات محددة لتوضيح هذا المبدأ: التعزيز الإيجابي (مثل المكافآت التي تزيد من السلوك المرغوب)، التعزيز السلبي (إزالة عائق أو شيء غير مرغوب فيه لزيادة السلوك المرغوب)، العقاب (لمنع أو تقليل السلوك غير المرغوب)، والإطفاء (الامتناع عن تقديم التعزيز للسلوك مما يؤدي إلى تقليله).
نظرية الإشراط الإجرائي تلعب دورًا مهمًا في مجالات عديدة مثل التعليم، والتدريب، وعلاج السلوكيات غير المرغوب فيها، وهي تعتمد على الفكرة الأساسية أن السلوك يتم تشكيله عبر تجارب التفاعل مع البيئة المحيطة.
ما هي افتراضات نظرية الاشراط الإجرائي؟:
تشتمل نظرية سكينر على بعض الافتراضات الأساسية، وهي كالتالي:
- تصنف نظرية سكينر ضمن النظريات السلوكية الوظيفية التي تركز على أن السلوك هو نشاط هادف يقوم به الفرد استجابة لشروط وإجراءات بيئية معينة لتحقيق هدف أو وظيفة محددة، والسلوك الذي يظهره الفرد يُعتبر استجابة موجهة تساعده على التكيف مع الظروف البيئية المحيطة.
- تولي هذه النظرية أهمية كبيرة للمثيرات البيئية في تشكيل السلوك، بينما تقلل من تأثير العوامل الفطرية أو الوراثية في عملية التعلم واكتساب المعرفة.
- وفقاً لسكينر الفرد كائن إيجابي وإرادي يتفاعل مع بيئته بشكل نشط من خلال إجراءات معينة، مما يؤدي إلى إنتاج أنماط سلوكية تعرف بالسلوكيات الإجرائية.
- تُعتبر هذه النظرية متطرفة إلى حد ما، حيث تركز بشكل حصري على السلوك كموضوع رئيسي للدراسة النفسية، فهي تفسر جميع الأنشطة البشرية من خلال السلوكيات التي يمكن دراستها باستخدام القوانين والأساليب العلمية المطبقة على الظواهر الطبيعية.
- ميز سكينر بين نوعين من السلوك استنادًا إلى طبيعة المثير الذي يسببها: السلوك الاستجابي والسلوك الإجرائي.
- تعد هذه النظرية رائدة في مجال علم النفس السلوكي لما تقدمه من فهم عميق لتأثير البيئة على السلوك البشري.
اقرأ أيضًا مقال رائع عن النظرية المعرفية في علم النفس
ما هي أنواع السلوك في نظرية الإشراط الإجرائي لسكينر؟:
صنف سكنر السلوك الإنساني إلى نوعين رئيسيين، بناءً على نظرية الإشراط الإجرائي:
أولاً: السلوك الاستجابي (Respondent Behavior):
- هو السلوك الذي يحدث كرد فعل مباشر لمنبه محدد. يرتبط هذا النوع من السلوك بنظرية الإشراط الكلاسيكي لبافلوف، حيث تكون الاستجابة تلقائية وغير متعمدة. مثلًا، استجابة العين للضوء الساطع أو إفراز اللعاب عند رؤية الطعام.
- يعتمد السلوك الاستجابي على الاستجابات الطبيعية التي تحدث تلقائيًا نتيجة وجود محفز، مثل ارتعاش الجسم عند التعرض للبرد.
ثانياً: السلوك الإجرائي (Operant Behavior):
- هذا النوع من السلوك يتم التحكم فيه بواسطة العواقب التي تترتب عليه، سواء كانت إيجابية أو سلبية. يعتمد على مبدأ أن السلوكيات التي تؤدي إلى نتائج إيجابية تزيد من احتمال تكرارها، بينما تلك التي تؤدي إلى نتائج سلبية تقل.
- يركز سكينر على هذا النوع من السلوك في نظريته، حيث يُعد السلوك الإجرائي ناتجًا عن إرادة الفرد وتفاعله مع البيئة من خلال التعزيز (المكافأة) أو العقاب. على سبيل المثال، إذا حصل شخص على مكافأة بسبب أدائه الجيد في العمل، فمن المحتمل أن يكرر هذا الأداء.
خلاصة افتراضات سكنر:
- السلوك الاستجابي: سلوك منعكس يعتمد على الاستجابة الفورية للمحفزات.
- السلوك الإجرائي: سلوك يتم تعلمه وتعديله بناءً على النتائج المترتبة عليه (تعزيز أو عقاب).
ما نتائج السلوك في نظرية الإشراط الإجرائي لسكينر؟:
في نظرية الإشراط الإجرائي لسكينر، نواتج السلوك تلعب دورًا أساسيًا في تحديد استمرارية السلوك أو تقليله، وهذه النواتج تُقسم إلى نوعين رئيسيين:
أولاً: التعزيز (Reinforcement):
- التعزيز الإيجابي (Positive Reinforcement): يحدث عندما يتم تقديم مكافأة أو نتيجة إيجابية بعد القيام بسلوك معين، مما يزيد من احتمال تكرار هذا السلوك في المستقبل. على سبيل المثال، إذا حصل الطفل على مكافأة عند إتمام واجباته المدرسية، سيزيد من احتمالية استمراره في القيام بذلك.
- التعزيز السلبي (Negative Reinforcement): يتضمن إزالة شيء غير مرغوب فيه بعد قيام الفرد بسلوك معين، مما يعزز هذا السلوك. على سبيل المثال، عندما يرتدي الشخص حزام الأمان في السيارة لتجنب صوت التنبيه المزعج، فإن هذا يزيد من احتمالية ارتدائه للحزام مرة أخرى في المستقبل.
ثانياً: العقاب (Punishment):
- العقاب الإيجابي (Positive Punishment): يتضمن إضافة نتيجة غير مرغوبة بعد سلوك معين لتقليل احتمالية تكرار هذا السلوك. مثال على ذلك هو توبيخ الطالب بعد سلوك غير مناسب في الفصل.
- العقاب السلبي (Negative Punishment): يشمل إزالة شيء مرغوب فيه بعد قيام الفرد بسلوك غير مرغوب، مما يقلل من تكرار هذا السلوك. على سبيل المثال، إذا تم حرمان الطفل من اللعب بألعابه بسبب سلوكه السيئ، فسيقل احتمال تكرار هذا السلوك.
ثالثاً: الإطفاء (Extinction):
يحدث عندما يتم وقف التعزيز الإيجابي أو السلبي لسلوك معين، مما يؤدي إلى تقليله تدريجيًا حتى يتلاشى. على سبيل المثال، إذا توقف تقديم المكافأة عند إتمام مهمة معينة، فسيقل احتمال أن يقوم الشخص بتكرار هذا السلوك مع مرور الوقت.
في المجمل، نواتج السلوك في نظرية سكينر تعتمد على التفاعل المستمر بين السلوك والبيئة، ويؤدي تعزيز السلوك أو معاقبته إلى تعلم الفرد كيفية تعديل سلوكياته لتحقيق النتائج المرغوبة أو تجنب النتائج السلبية.
للاستزادة المدرسة الروسية في علم النفس
ما هي اعتبارات استخدام التعزيز والعقاب في نظرية الإشراط الإجرائي لسكينر؟
تشتمل نظرية سكينر على بعض الاعتبارات الأساسية لاستخدام العقاب والتعزيز في تعديل السلوك، والنقاط الواردة تشير إلى مجموعة من القواعد التي يجب اتباعها لتحقيق التأثير المطلوب على سلوك الفرد.:
- عند استخدام العقاب الإيجابي، ينبغي أن يكون الهدف منه هو تعديل السلوك بطريقة مستدامة. لذلك، إذا تم استخدامه بشكل مفرط أو غير ملائم، قد يؤدي إلى آثار عكسية مثل العناد أو ظهور مشاكل سلوكية أخرى.
- تشير الأدلة إلى أن تأثير العقاب السلبي أكثر فعالية وأقل ضررًا من العقاب الإيجابي، لأنه يعتمد على إزالة شيء مرغوب بدلاً من إضافة شيء غير مرغوب.
- يجب تطبيق العقاب مباشرة بعد السلوك غير المرغوب حتى يكون فعالاً ويستطيع الفرد ربطه بالسلوك المعاقب.
- من الضروري ألا يكون العقاب مؤلمًا أو يؤدي إلى أذى جسدي أو نفسي للفرد؛ حيث يجب أن يكون هدفه تعديل السلوك وليس الإيذاء.
- يجب أن يكون العقاب متناسبًا مع درجة السلوك غير المرغوب فيه، بحيث يحقق التأثير المطلوب دون تجاوز الحدود أو الإفراط.
- يجب تحديد العواقب المناسبة بناءً على طبيعة السلوك، ويجب أن يتم تقديم البدائل والتعزيز الإيجابي بعد العقاب لمساعدة الفرد على تحسين سلوكه بشكل مستمر.
- من الأفضل عدم استخدام العقاب في جميع المواقف بشكل روتيني؛ بل يجب استخدام التعزيز الإيجابي كأداة رئيسية لتشجيع السلوك المرغوب.
- العقاب وحده لا يحقق النتائج المرجوة بشكل دائم. بل يجب أن يصاحبه تعزيز للسلوك الجيد لتحقيق التوازن المطلوب في تعديل السلوك.