تعتبر الوظيفة البنائية الوظيفية من أكثر النظريات الاجتماعية شيوعاً واستخداماً في مجال علم الاجتماع الاسري. إذ تهدف هذه النظرية إلى معرفة كيف يعمل المجتمع؟ وكيف تعمل الأسرة؟ وماهي العلاقة بين الأسرة والمجتمع الكبير التي هي جزء منه؟ وقد استخدمت هذه النظرية من قبل علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا. كما يحرص علماء هذه النظرية على دراسة العلاقة بين الأسرة والنظم الاجتماعية الأخرى من الرواد المؤسسين للنظرية البنائية الوظيفية في علم الاجتماع دوركايم، أوغست كونت، هربرت سبنسر.
أشكال ووظائف النظرية البنائية الوظيفية:
صحيح أن النظرية الوظيفية تهتم بدراسة البنى ووظائفها بيد أنها ليست نظرية سوسيولوجيا ذات لون واحد، بل يمكن الوقوف على ثلاثة اشكال لها:1- الوظيفية الفردية:
في هذا الشكل من النظرية فقد وقع التركيز على حاجات الفاعلين الاجتماعين والبنى الاجتماعية التي تظهر لتلبية هذه الحاجات. فمثلا الأسرة النووية التي تتكون عادة من أبوين وبضعة أولاد ظهرت لتلبى بعض الحاجات الفردية كالتمتع بالحرية والعيش بالاستقلالية والعمل والتربية الخاصة في مقابل ذلك لم تعد الاسرة الممتدة المكونة من الابوين والابناء والازواج والزوجات وابناءهم، لم تعد قادرة على تلبية الحاجات الفردية.2- الوظيفية العلاقاتية:
في هذا الشكل يقع التركيز على آليات العلاقات الاجتماعية التى تساعد في التغلب على التوترات التى قد تمر بها العلاقات الاجتماعية. هذا النوع نجده موضوع اهتمام لدى الانثربولوجين امثال راد كلييف براون ومالينوفسكى. فالوظيفية العلاقية تعمل، مثلا عبر شعيرة طقسية من الشعائر، على التخفيف من التوترات في إطار العلاج النفسي.3- الوظيفية الاجتماعية:
هنا يقع التركيز على البني والمؤسسات الاجتماعية الكبرى وعلى علاقاتها ببعضها البعض وتاثيراتها الموجهة لسلوكيات الافراد والمجتمعات كالوظيفية التي تقوم بها مؤسسات كالجامعة او المستشفى او الاذاعة او التلفيزيون او الاسرة او المسجد او المدرسة... فالمسألة تتعلق بالمجتمع لا بالافراد.مقال يوضح أهم رواد المدرسة الوظيفية في علم النفس.
الوظيفية عند اميل دوركايم:
اميل دوركايم دور موثر في تأسيس النظرية الوظيفية. ومبدئيا فان تاثيرات كونت وسبنسر في الوظيفية تجد امتداداتها عند دوركايم في الكثير من ابحاثه سواء المتعلق ب تقسيم العمل الاجتماعي أو الاشكال الاولية للحياة الدينية.بعض اسهامات دوركايم في تأسيس البنائية الوظيفية:
- ان اهتمام دوركايم بالوقائع الاجتماعية جعله يهتم ايضا بالأجزاء المكونة للنسق الاجتماعي من جهة وعلاقات الاجزاء ببعضها البعض ومن ثم تأثيرها على المجتمع. ففي حديثه عن الوقائع الاجتماعية وجد نفسه مضطرا لا عطاها اهمية كونها تندرج في إطار في بنى مؤسسات سعى دوركايم الى البحث عنها.
- اعتني دوركايم كثيرا بالبنى والوظائف وعلاقتها بحاجيات المجتمع. وهذا يعني اهتمامه بالبنية والوظيفة كعنصرين هامين في التحليل السوسيولوجي.
- من اهمم الامور التى قام بها دور كايم بين المفوهمين هما "السبب الاجتماعي" و"الوظيفية الاجتماعية". اذ ان دراسة "السبب الاجتماعي" سيعنى الاهتمام بمبرارات وجود البنية. اما دراسة"الوظيفة الاجتماعية" فستعني الاهتمام بحاجيات المجتمع الكبيرة وكيفية تلبيتها من طرف بنية معينة.
- رفض دوركايم رفضا قاطعا فكرة اسطورية الدين، واكد في المقابل على انه ظاهرة عالمية وبالتلي لابد وان تكون له وظيفة في المجتمعات البشرية. فمن بين وظائف الدين عند دوركايم وابن خلدون العمل على توحيد الناس وخلق روح التضامن الاجتماعي بينهم عن طريق القيم الثقافية والاعتقادات الدينية التى يدعو اليها هذا الدين او ذاك.
ففي نظره تحقق الشعائر الدينية التماسك الاجتماعي من خلال أدائها لاربع وظائف:
- مراسم الحفل، وهذه تهيئ الفرد للحياة الاجتماعية من خلال الطاعة علية.
- إن وظيفة الشعائر الدينية تتمثل في كونها تقوي من تماسك المجتمع وترابط العلاقات بين الافراد والمجموعات.
- تجدد الشعائر الدينية لدى ممارستها التزام الفرد لتقاليد المجتمع.
- يشعر الفرد بالراحة والحماس الاجتماعي اثناء مشاركته بالحفل الديني.
خصائص الظواهر الاجتماعية وفق النظرية الوظيفية:
تتميز الظواهر الاجتماعية بعدة خصائص أهمها ما يلي:
وأخيرا..... يلاحظ مما سبق أن النظرية البنائية الوظيفية تعرضت لأوجه نقد عديدة وأهمها هو إهمالها لمشاكل التغير الاجتماعي، أو كيف ولماذا يحدث هذا التغير، وقد أتهم بارسونز بأنه تقبل الأسطورة الأمريكية التي تحت على الثبات الاجتماعي أكثر من اهتمامه بقضايا التغير الاجتماعي.
- أنها ظواهر إنسانية: أى أنها تظهر داخل المجتمعات الإنسانية أى أنها لا تظهر لدي الكائنات الأخرى
- ظاهرة عامة: أى أنها تظهر في أغلب أفراد المجتمع، وتتكرر بشكل يظهر أنها تحدث وفق قانون عام ويمكن قياسها.
- تختلف الظواهر الاجتماعية من مجتمع إلى آخر، حيث تتأثر بالبيئة الاجتماعية للمجتمع، كما تتأثر بالعوامل التاريخية والسياسية والجغرافية التي تشكل المجتمع الذي تظهر فيه.
- تحمل الظاهرة الاجتماعية معنى الإلزام: حيث يشعر افراد المجتمع بوجوب الالتزام بما تفرضه عليه الظاهرة الاجتماعية من قيود، ولا يستطيع الخروج عن تلك الالتزامات وإلا تلاتيب عليه عقاب ما قد ظهر في شكل نبذ اجتماعي أو عقاب قانونى أوغيرها من صور العقاب.
- الظاهرة الاجتماعية لها بداية ولها نهاية بحيث أنها تظهر لفترات زمنية قد تطول وقد تقصر ثم تختفي بشكل تدريجى أو نتيجة لحدوث معين.
- تلقائية الظواهر الاجتماعية: أى أن الظاهرة الاجتماعية تظهر في المجتمع بشكل تلقائي أى أنها لاتظهر نتيجة اتفاق.
احصل على معلومات أكثر حول أنواع مدارسة علم النفس.
أهم الانتقادات التي وجهت إلى النظرية البنائية الوظيفية:
- قد يكون أهم نقد وجه إلى نظرية البنائية الوظيفية- وخاصة بارسونز باعتباره أشهر ممثلي النظرية الوظيفية المعاصرين- هو ذلك النقد الذي وجهه عالم الاجتماع الأمريكي "رايت ميلز" في كتابة "التصورات السوسيولوجيا"،
- فقد رأى "ميلز" أن "بارسونز" قد حول كل أبنية المجتمع إلى مجالات رمزية، وبهذه الكيفية يقدم "بارسونز" تبريراً أخلاقياً لاستمرارية ذوي السلطة في المجتمع في التحكم فيه، ويضفي على حكمهم صفة المشروعية.
- إن تأكيد "بارسونز" على فكرة التوازن عن طريق الخضوع للمعايير السائدة والمشتركة بين الناس، إنما هو تحذير من أي تمرد أو محاولة لتغيير الأوضاع القائمة، كما أن افتراض أن هناك قيماً ومعايير مشتركة بين جميع الأفراد لا يستند إلى أي أدلة إمبيريقية.
- كما ينتقد "بوبوف" عالم الاجتماع السوفيتي النظريات الوظيفية على أساس أنها تصور المجتمع على أنه نظام أبدى لا يعرف التطور والانتقال إلى وضع جديد كما أنه يفسر الحياة الاجتماعية بمتاهات من الجدل المدرسي الكلامي والتصورات القيمة البعيدة والمنفصلة عن الحياة الواقعية.
- كما ينتقد "بارسونز" على أساس أنه يقرر أن بواعث وأهداف الأفعال الاجتماعية لا تحددها الأسباب المادية، بل تحددها سيكولوجية الأفراد بوصفهم ممثلين يقومون بأدوار محددة لهم من قبل أن تحددها القيم التي يعتبرها مطلقة وأبديه، لأن مصدرها هو مجال غير حسي أو تجريبي، وهنا يتفق "بارسونز" مع كل من يبررون للسلطة حكمها في كل زمان بادعاء إنها لإرادة الله.
وأخيرا..... يلاحظ مما سبق أن النظرية البنائية الوظيفية تعرضت لأوجه نقد عديدة وأهمها هو إهمالها لمشاكل التغير الاجتماعي، أو كيف ولماذا يحدث هذا التغير، وقد أتهم بارسونز بأنه تقبل الأسطورة الأمريكية التي تحت على الثبات الاجتماعي أكثر من اهتمامه بقضايا التغير الاجتماعي.