📁 المقالات الحديثة

ماكس فايبر النظرية البيروقراطية

النظرية البيروقراطية ماكس فايبر

النظرية البيروقراطية لماكس فيبر 

لقد جعل "ماكس فيبر" من البيروقراطية مركز نظريته عن تنظيم الدولة، حيث صاغ نظريته البيروقراطية انطلاقا من تحليله للإدارة البروسية التي كانت شديد الإعجاب بها، وترتبط نظرية البيروقراطية بالتمييز الأساسي الذي يقيمه "فيبر" بين ثلاثة أنماط من السلطة: السلطة التقليدية المستندة إلى العادات، والسلطة الريادية (الكاريزمية) القائمة على المكانة الشخصية لزعيم ما، والسلطة القانونية – العقلانية المستندة إلى هيكل من القواعد المنظمة منطقيا.


مفهوم التنظيم البيروقراطي عند "ماكس فيبر":

يشير فيبر للتنظيم بأنه: "اكتساب نمط معين من السلوك الذي يحقق بناء السلطة، وبالتالي فالتنظيم –حسبه- يضم مجموعة علاقات اجتماعية، وتفاعلات بين الأعضاء المشكلين له، بحيث يكون ذلك وفق الأسس والقواعد التي تحكم سلوكهم، ويتم ذلك على اساس نظام التسلسل الإداري، تقسيم العمل، وتحقيق الهدف.

أما التنظيم البيروقراطي فيعرفه فيبر أنه: نموذج من الهيمنة الشرعية – العقلانية تبنى فيه السلطة على أساس قانونى يحدد بشكل مجرد وموضوعي وعلمي أساليب ممارستها بطريقة تلغي الولاءات الشخصية ويجعل السلطة ممارسة لصلاحية مثبتة قانونا، والطاعة وتنفيذ الأوامر لا تعود إلى شخص الرئيس الإداري إنما تعود إلى اللوائح القانونية التي تستند إليها سلطاته".


سلطات النظرية البيروقراطية:

إن نظرية "فيبر" في التنظيم تستند وبصفة أساسية على مفهومة للسلطة (Authority) التي ميز فيها بين ثلاثة أنماط. كما تعتمد تصنيفاته للسلطة على أنواع ومصادر من الشرعية، فشرعية النظام تدور حول نوعين هما الموافقة أو الإجبار". وتتمثل هذه السلطات الثلاث في: -

  1. السلطة الكاريزمية (Charismatic): المستندة إلى الإلهام والتى تنسب إلى وجود قائد ملهم له خصائص نادرة بمقتضاها يضحى قائدا أو زعيما.
  2. السلطة التقليدية (Traditional): التي تستند إلى قدسية التقاليد والإيمان بخلود الماضي، وبمقتضاها ينظر الناس للنظام الاجتماعي القائم بوصفه مقدسا وخالدا وغير قابل للانتهاك.
  3. السلطة العقلانية – القانونية: التي يستند إلى الإيمان بسيادة القانون، والتي تفترض وجود مجموعة رسمية من المعايير المستقرة نسبيا، والتي تسعى إلى تنظيم السلوك كي يكون سلوكا رشيداٌ.

وقد عرف فيبر العقلانية بأنها:"مفهوم تاريخي يتضمن عالما كاملا من التناقضات، وعلينا ان نبحث عن الروح التي ولد منها هذا الشكل الملموس من الفكر ومن الحياة العقلانيين".


الخصائص الرئيسية للتنظيم البيروقراطي عند "ماكس فيبر":

إن التنظيم البيروقراطي بالنسبة لفيبر هو بمثابة النموذج البديل عن الممارسات الإدارية التى كانت سائدة في ظل النظام الإقطاعي والنظام الاستبدادي، إذ اعتبر التنظيم البيروقراطي نموذجا للهيمنة الشرعية العقلانية الموضوعية (لا شخصية) لإلغاء المحاباة والتأثيرات الشخصية. وقد حدد "فيبر" السمات الآتية لنموذج تنظيم البيروقراطي، وهي:

  1. تقسيم مطلق للعمل مع تحديد الصلاحيات والحقوق والواجبات.
  2. تسلسل هرمي للوظائف تحدد فيه آليات الهيمنة والخضوع بحيث يجد كل مستوى نفسه تحت سيطرة مستوى أعلى منه.
  3. قواعد قانونية وفنية موضوعية وعمومية (لاشخصية) تحدد السلوك الواجب اتباعه والتى يتطلب تطبيقها تشكيلات متخصصة يتمتع موظفوها بمؤهلات محددة ويتم تعينهم تبع احتياز اختبارات معينة.
  4. الفصل بين الموقع الإدارى وشاغلة لإلغاء حالة التملك للمركز الإدارى وأدواته من قبل شاغلة، أي الفصل بين الحياة الشخصية والوظيفة لمنع توريث تاوظائف.
  5. احتساب رواتب نقدية للموظفين تتدرج بحسب المرتبة والموقع في السلم الإدارى وبحسب طبيعة المهنة.
  6. الترقية التدريجية حسب الأقدمية وعلى أساس معايير موضوعية.
  7. الاستمرارية والثبات للوظيفة العامة بحيث يتم مارستها بشكل دائم في مأمن من التقلبات السياسية.
استمر في القراءة وتعرف إلى النظرية السلوكية ونشأتها.


أسس نموذج التنظيم البيروقراطي المثالي عند "ماكس فيبر":

بهدف إبراز الأسس التي يقوم عليها نموذج التنظيم البيروقرواطي عند "ماكس فيبر" لابد من استعراض أصول هذا النموذج المتمثلة في الظروف الاجتماعية والسياسية المحلية والدولية التي أحاطت ب “فيبر" إضافة إلى العناصر التى تضفي الطابع المثالي على هذا النموذج.

1- أصول نموذج التنظيم البيروقراطي عند "ماكس فيبر":

بداية لابد من الإشارة إلى أن الظروف المجتمعية التى عاش وتحرك عبرها "ماكس فيبر"وأراد أن ينظر لها هي بإيجاز شديد ظروف أوروبا بين النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، حيث برز صعود الرأسمالية، وبدأت ألمانيا طريقها كي تكون مجتمعا رأسماليا صناعيا، والتي كانت فترة هدوء وإنجاز داخلي نما فيها التفكير العلمي، وتراكمات رأس المال، والتطور التكنولوجي، وسيطرت أوروبا على العالم الثالث في إفريقيا وآسيا، من خلال الاستعمار واعمال القرصنة.

2- الطابع المثالي لنموذج التنظيم البيروقراطي عند "ماكس فيبر":

وقد قدم "فيبر" نوذجا مثاليا تجريديا للتنظيم البيروقراطي وليس نموذجا إداريا واقعيا ،فهو لا يصف نموذجا إداريا بعينه ،وهو بهذا قد انفرد بمفهوم النموذج المثالي ،وهو بناء نظري يوجه الدراسة السوسيولوجية ويقارن مع وضع الفعل الاجتماعي الحالي ،وتنشأ النماذج المثالية كما يقول "فيبر" من خلال ربطنا لمجموعة من الظواهر المنفصلة والمشتتة ،والتي نقوم بالتنسيق بينها وفقا لوجهة نظر سابقة مختارة من طرف واحد لإعداد إطار فكري متناسق ومتجانس" ،ولكن بقدر ما يبدو لنا النموذج مثاليا فهو واقعي ،بمعني أن الباحث هو الذى يبنيه انطلاقا من الواقع التاريخي أو الآني.

3- حدود التنظيم البيروقراطي عند "ماكس فيبر":

لقد أصبحت البيروقراطية وفق المفهوم الشائع اليوم مرادفة للحالة السلبية والروتين والتأخير في إنجاز المعاملات والجمود في التعامل مع ما يستجد في الإدارات المختلفة، في حين يفترض أن تعطي البيروقراطية توجها لخيارات يؤطر من خلالها الهيكل التنظيمي ليكون قادرا على العمل الكفؤ والاستجابة للموقف.


الانتقادات العامة الموجهة للنموذج البيروقراطي ل “ماكس فيبر":

يمكن الإقرار بداية بأن لتحليلات فيبر للبيروقراطية إضافات نظرية ومنهجية لفهم وتحليل الأبنية البيروقراطية، إلا أن التطورات على المستوى النظري أو الإمبريقي توضح ما يعتري النموذج البيروقراطية الفيبري من نقائص. ويمكن شرح أهم الانتقادات الموجهة لنموذجه على النحو التالي:

  1. معاملة الفرد في التنظيم على أنه ترس (قطعة غير) في آلة ويكفي برمجته وتزويده بالمعلومات والمعايير والأرقام المراد بلوغها ليحقق أعلى درجات الكفاءة في الأداء، وهذا إهمال لطبيعته الإنسانية والاجتماعية الأمر الذي يزيد من احتمال حدوث نتائج غير متوقعة تخفض من كفاءة الأداء المتوقع منه.
  2. تحول القواعد والقوانين التى ركز عليها "فيبر" في نموذجه من مجرد وسائل لتحقيق أهداف محددة إلى أهداف في حد ذاتها.
  3. معالجة التنظيم على أساس أنه نسق مغلق وأن الأدوار الواجب القيام بها من طرف أفراده واضحة ولا تحتاج لتدخل من خارج التنظيم، وفي هذا إهمال للبيئة الخارجية ومتغيراتها المؤثرة.
  4. التركيز على مبدأ "الرقابة والإشراف" من شأنه أن يؤدي إلى زيادة احتمال الانحراف عن القواعد والتعليمات، وبالتالي إلى خلق المزيد من الرقابة والإشراف، يعقبها المزيد من النتائج غير المتوقعة، وفي النهاية ذلك إلى انخفاض الكفاءة.
  5. التركيز الشديد على التنظيم الرسمي وجمود القواعد والإجراءات الرسمية وأن أى انحراف عنها يضر بالفعالية المرجوة، وبالتالي إهمال التنظيم غير الرسمي وتنيمة اتجاهات الخضوع والانقياد لدى أفراد التنظيم ووقوفهم موقف عجز أمام المشكلات الطارئة.
  6. يخلق النموذج البيروقراطي جموداُ لا يسمح له بالتكيف مع القضايا الجديدة إلا بصعوبة، ويثير كذلك نزاعات الرؤساء والنفذين، والمنفذين والجمهور، تؤدي إلى تبديد كبير للطاقة، تتآكل المنظمة في العمل على معالجتها بدلا من متابعة أغراضها.
  7. من شأن الاتجاه المستمر والمتنام نحو الصياغة البيروقراطية للمجتمع، مع تزايد التقدم التكنولوجي والتنظيمي ومع نمو النزعه العقلانية الرشيدة في المجال الاقتصادي، وتهديد الحريات الفردية والنظم الديمقراطية في المجتمعات الغربية وإلى القضاء على النزعات الروحية فيه وعدم إتاحة الفرصة لظهور القيادات الملهمة.

انتقادات المفكرين الموجهة للنموذج البيروقراطي ل “ماكس فيبر":

تعرض النموذج الفيبري إلى انتقادات مركزة خاصة من قبل بارسونز" و"غولدنر" و"إتزيوني" حيث أشاروا إلى أن "فيبر" أهما جملة من المتغيرات التى تتحكم في الجهاز التنظيمي ككل، ومنها:

  1. إهمال لمشكلة الديمقراطية في التنظيم.
  2. إهماله للعلاقات الشخصية والجماعات غير الرسمية.
  3. إهماله لتأثير الروح المعنوية والرضا الوظيفي على الأداء الأمثل للعمل.
  4. إهماله لمشكله المسؤولية.


تعليقات